كان الجناح البلجيكي جيريمي دوكو النجم الأبرز في مباراة فوز مانشستر سيتي على ليفربول في ملعب «الاتحاد»، لكنّ هذا الانتصار لم يخلُ من الجدل.
إفتتح إيرلينغ هالاند التسجيل إثر هجمة جماعية رائعة، بعد دقائق فقط من إهداره ركلة جزاء، قبل أن يُضيف نيكو غونزاليس الهدف الثاني بتسديدة ارتطمت بأحد المدافعين، فيما اختتم دوكو العرض المذهل بهدف ثالث. غير أنّ فيرجيل فان دايك سجّل هدفاً أُلغي، بعدما اعتُبر آندي روبرتسون متسلّلاً بشكل مثير للجدل، ولم تؤدِ مراجعة حكم الفيديو المساعد (VAR) إلى تغيير قرار الحكم الميداني.
وبهذه النتيجة، بقي سيتي على بُعد 4 نقاط من المتصدّر أرسنال، فيما يحتل ليفربول المركز الثامن بفارق 4 نقاط إضافية.
هل عاد عنصر المتعة؟
كثرت الشكاوى بشأن جودة كرة القدم في الـ«بريميرليغ» هذا الموسم. رميات جانبية طويلة، كرات ثابتة كثيرة، وندرة في المراوغات والتمريرات الحاسمة، جعلت الموسم يبدو باهتاً حتى الآن.
لكن هذه المباراة كانت مختلفة: كرة قدم فنية، الكرة على الأرض، وإيقاع لعب جيّد من دون الاندفاع العشوائي المعتاد. الضغط لم يكن السمة الأبرز في اللقاء.
ركّز سيتي على إيصال لاعبيه بين الخطوط قبل تمرير الكرات من الدفاع إلى الأمام. جناحاه، دوكو ورايان شرقي، تمتعا بحرّية التحرّك سواء بالتوجّه إلى العمق أو البقاء على الأطراف. وفي المقابل، عزّز ليفربول منطقته الوسطى بثلاثي وسط «حقيقي»، لكنّ ذلك أتاح لفلوريان فيرتز أن يصبح أكثر تأثيراً، إذ كان يتسلّل من الجهة اليسرى إلى العمق ليجد مساحات خالية. وقد تسبَّب في حصول لاعبَي سيتي على بطاقات صفراء، إذ بدا أنّ الفريق السماوي يخشى من قدرته على المراوغة.
صحيح أنّ هدف هالاند الأول جاء من عرضية ورأسية على الطريقة القديمة، لكنّه أتى بعد سلسلة تمريرات طويلة وسلسة. شارك فيه جميع لاعبي سيتي، وتميّز بالصبر والدقّة ولمسة من الإبداع الفردي.
هل كان يجب احتساب هدف فان دايك؟
ظنّ ليفربول أنّه عادلَ النتيجة عندما أرسل فان دايك رأسية قوية في الزاوية السفلية من عرضية أرضية لمحمد صلاح. وبعدما عانى الفريق كثيراً من استقبال أهداف من الكرات الثابتة، بدا وكأنّ الكفّة انقلبت، إلى أن أفسدت الراية الاحتفالات.
فبينما كانت رأسية فان دايك تتّجه نحو الشباك، كان روبرتسون واقفاً في وضع تسلّل. وعلى رغم من أنّه لم يكن في مجال رؤية الحارس جيانلويجي دوناروما، فقد اعتبر الحكم أنّه تدخّل في مجريات اللعب.
على منصة «X»، أوضح حساب مركز مباريات الـ«بريميرليغ» القرار قائلاً: «تمّ التحقق من قرار الحكم باحتساب التسلّل وعدم احتساب الهدف لليفربول من قِبل تقنية VAR، وتأكّد وضع تسلّل لروبرتسون واعتُبر أنّه قام بحركة واضحة أمام الحارس تؤثر على اللعب».
استخدام عبارة «مباشرة أمام الحارس» سيُثير استياء ليفربول، لأنّ روبرتسون لم يكن فعلياً أمام دوناروما. وتنصّ اللوائح على أنّ اللاعب يُعاقب على التسلّل إذا كان:
- يمنع الخصم من لعب الكرة أو القدرة على لعبها من خلال حجب مجال رؤيته بوضوح،
- ينافس الخصم على الكرة،
- يحاول بوضوح لعب الكرة القريبة بطريقة تؤثر على الخصم،
- يقوم بحركة واضحة تؤثر بوضوح على قدرة الخصم على لعب الكرة.
روبرتسون لم ينافس على الكرة ولا حاول لعبها، بل انحنى لتفاديها. كما أنّه لم يحجُب رؤية الحارس، إذ كان في الجهة الأخرى من مكان قدوم الرأسية.
النقطة الأخيرة هي المثيرة للجدل، إذ إنّ دوناروما قفز للكرة لكنّه لم يتمكن من الوصول إليها بسبب دقة توجيه رأسية فان دايك.
ما الذي جعل دوكو خطيراً إلى هذا الحدّ؟
حين يظهر اللاعب الذي يوصف بأنّه «بلا لمسة نهائية» حاملاً سلّة كاملة منها، فأنت تعلم أنّ اليوم يومه. وهذا ما حصل مع دوكو الذي قدّم عرضاً جعل من الظلم تركه يواصل الركض على كونور برادلي وإبراهيما كوناتي أكثر من ذلك.
غوارديولا يرى أنّ البلجيكي «أفضل لاعب في العالم خلال العشرة أمتار الأولى»، وقد بدأ في إثبات ذلك خلال موسمَيه الأوّلَين في إنكلترا. لكن هذا الموسم هو الاختبار الحقيقي الذي عليه فيه ترجمة مهاراته بالأرقام.
أداؤه هذا الموسم لا يزال متقلباً، لكنّه هو مَن تجاوز الحارس وتسبّب بركلة الجزاء، كما أنّ تسديدته المقوّسة من خارج المنطقة أنهت المباراة فعلياً.
ماذا يعني ذلك لليفربول؟
بعد انتصارَين متتاليَين عزّزا الثقة، جاءت هذه المباراة لتُظهِر وجهاً مغايراً تماماً عن الفوز على ريال مدريد. حافظ آرنه سلوت على التشكيلة، لكنّ الفريق افتقر إلى الحدّة والعدوانية اللتَين ميّزتا انتصارَيه على مدريد وأستون فيلا.
بدأت المباراة بسيطرة سيتي على الكرة وتركها لكوناتي، لكنّ ضعف تمريراته وعدم قدرته على ربط الخطوط، حرما ليفربول من أي استحواذ فعّال.
محمد صلاح وفلوريان فيرتز لم يتركا أثراً حقيقياً، فيما بقيَ هوغو إكيتكي شبه غائب لغياب الإمداد. كما أنّ ثلاثي الوسط لم يظهر بالحيَوية التي ميّزته في المباراتَين السابقتَين.
نقطة التحوّل لم تكن عند تصدّي مامارداشفيلي لركلة جزاء هالاند أو حين تقدّم سيتي، بل عند إلغاء هدف ليفربول. لقد أحبط ذلك فريق سلوت تماماً ولم يتعافَ قبل نهاية الشوط الأول، ليتلقّى الهدف الثاني في الوقت بدل الضائع. وعلى العموم، كان الفريق بعيداً تماماً من مستوى منافسه.